سورة الصافات - تفسير تفسير الخازن

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الصافات)


        


{وفديناه بذبح عظيم} قيل نظر إبراهيم فإذا هو بجبريل ومعه كبش أملح أقرن فقال هذا فداء ابنك فاذبحه دونه فكبر إبراهيم وكبر جبريل وكبر الكبش فأخذه إبراهيم وأتى به المنحر من منى فذبحه قال أكثر المفسرين كان هذا الذبح كبشاً رعى في الجنة أربعين خريفاً وقال ابن عباس الكبش الذي ذبحه إبراهيم هو الذي قربه ابن آدم قيل حق له أن يكون عظيماً وقد تقبل مرتين وقيل سمي عظيماً لأنه من عند الله تعالى. وقيل لعظمه في الثواب وقيل لعظمه وسمنه وقال الحسن ما فدى إسماعيل إلا بتيس من الأروى أهبط عليه من ثبير {وتركنا عليه في الآخرين} أي تركنا له ثناء حسناً فيمن بعده {سلام على إبراهيم كذلك نجزي المحسنين إنه من عبادنا المؤمنين} قوله تعالى: {وبشرناه بإسحاق نبياً من الصالحين} أي بوجود إسحاق وهذا على قول من يقول إن الذبيح هو إسماعيل ومعناه أنه بشر بإسحاق بعد هذه القصة جزاءً لطاعته وصبره ومن جعل الذبيح هو إسحاق قال معنى الآية وبشرناه بنبوة إسحاق. وكذا روى عن ابن عباس قال بشر به مرتين حين ولد وحين نبئ {وباركنا عليه} يعني على إبراهيم في أولاده {وعلى إسحاق} أي يكون أكثر الأنبياء من نسله {ومن ذريتهما محسن} أي مؤمن {وظالم لنفسه} أي كافر {مبين} أي ظاهر الكفر وفيه تنبيه على أنه لا يلزم من كثرة فضائل الأب فضيلة الابن.
قوله عز وجل: {ولقد مننا على موسى وهارون} أي أنعمنا عليهما بالنبوة والرسالة {ونجيناهما وقومهما} يعني بني إسرائيل {من الكرب العظيم} يعني الذي كانوا فيه من استبعاد فرعون إياهم وقيل هو إنجاؤهم من الغرق {ونصرناهم} يعني موسى وهارون وقومهما {فكانوا هم الغالبين} أي على القبط.


{وآتيناهما الكتاب} يعني التوراة {المستبين} المستنير {وهديناهما الصراط المستقيم} أي دللناهما على طريق الجنة {وتركنا عليهما في الآخرين} أي الثناء الحسن {سلام على موسى وهارون إنا كذلك نجزي المحسنين إنهما من عبادنا المؤمنين} قوله عز وجل: {وإن الياس لمن المرسلين} روي عن ابن مسعود أنه قال إلياس هو إدريس وكذلك هو في مصحفه وقال أكثر المفسرين هو نبي من أنبياء بني إسرائيل قال ابن عباس هو ابن عم اليسع وقال محمد بن إسحاق هو الياس بن بشر بن فنحاص بن العيزار بن هارون بن عمران.
ذكر الإشارة إلى القصة:
قال محمد بن إسحاق وعلماء السير والأخبار لما قبض الله عز وجل حزقيل النبي عليه الصلاة والسلام عظمت الأحداث في بني إسرائيل وظهر فيهم الفساد والشرك ونصبوا الأصنام وعبد وها من دون الله عز وجل، فبعث الله عز وجل إليهم إلياس نبياً وكان الأنبياء يبعثون من بعد موسى عليه الصلاة والسلام في بني إسرائيل بتجديد ما نسوا من أحكام التوراة وكان يوشع لما فتح الشام قسمها على بني إسرائيل وإن سبطاً منهم حصل في قسمته بعلبك ونواحيها وهم الذين بعث إليهم إلياس وعليهم يومئذ ملك اسمه آجب وكان قد أضل قومه وجبرهم على عبادة الأصنام وكان له صنم من ذهب طوله عشرون ذراعاً وله أربعة وجوه اسمه بعل وكانوا قد فتنوا به وعظموه وجعلوا له أربعمائة سادن وجعلوهم أنبياء فكان الشيطان يدخل في جوف بعل ويتكلم بشريعة الضلالة والسدنة يحفظونها عنه ويبلغونها الناس وهم أهل بعلبك وكان إلياس يدعوهم إلى عبادة الله عز وجل وهم لا يسمعون له ولا يؤمنون به إلا ما كان من أمر الملك فإنه آمن به وصدقه فكان إلياس يقوم بأمره ويسدده ويرشده وكان للملك امرأة جبارة وكان يستخلفها على ملكه إذا غاب فغصبت من رجل مؤمن جنينة كان يتعيش منها فأخذتها وقتلته فبعث الله سبحانه وتعالى إلياس إلى الملك وزوجته وأمره أن يخبرهما أن الله عز وجل قد غضب لوليه حين قتل ظلماً وآلى على نفسه أنهما إن لم يتوبا عن صنيعهما ويرد الجنينة على ورثة المقتول أهلكهما في جوف الجنينة ثم يدعهما جيفتين ملقاتين فيها ولا يتمتعان فيها إلا قليلاً فجاء إلياس فأخبر الملك بما أوحى الله إليه في أمره وأمر امرأته والجنينة فلما سمع الملك ذلك غضب واشتد غضبه عليه وقال يا إلياس والله ما أرى ما تدعونا إليه إلا باطلاً وهمَّ بتعذيب إلياس وقتله فلما أحس إلياس بالشر رفضه وخرج عنه هارباً ورجع الملك إلى عبادة بعل ولحق إلياس بشواهق الجبال فكان يأوي إلى الشعاب والكهوف فبقي سبع سنين على ذلك خائفاً مستخفياً يأكل من نبات الأرض وثمار الشجر وهم في طلبه وقد وضعوا عليه العيون والله يستره منهم: فلما طال الأمر على إلياس وسكنى الكهوف في الجبال وطال عصيان قومه ضاق بذلك ذرعاً فأوحى الله تعالى إليه بعد سبع سنين وهو خائف مجهود يا إلياس ما هذا الحزن والجزع الذي أنت فيه ألست أميني على وحيي وحجتي في أرضي وصفوتي من خلقي سلني أعطك فإني ذو الرحمة الواسعة والفضل العظيم قال يا رب تميتني وتلحقني بآبائي فإني قد مللت بني إسرائيل وملوني فأوحى الله تعالى إليه يا إلياس ما هذا باليوم الذي أعرى منك الأرض وأهلها وإنما صلاحها وقوامها بك وبأشباهك وإن كنتم قليلاً ولكن سلني أعطك فقال إلياس إن لم تمتني فأعطني ثأري من بني إسرائيل قال الله عز وجل وأي شيء تريد أن أعطيك قال تملكني خزائن السماء سبع سنين فلا تسير عليهم سحابة إلا بدعوتي ولا تمطر عليهم قطرة إلا بشفاعتي فإنه لا يذلهم إلا ذلك قال الله عز وجل يا إلياس أنا أرحم بخلقي من ذلك وإن كانوا ظالمين قال فست سنين قال أنا أرحم بخلقي من ذلك قال فخمس سنين قال أنا أرحم بخلقي ولكن أعطيك ثأرك ثلاث سنين أجعل خزائن المطر بيدك قال إلياس فبأي شيء أعيش يا رب قال أسخر لك جيشاً من الطير ينقل لك طعامك وشرابك من الريف والأرض التي لم تقحط قال إلياس قد رضيت فأمسك الله عز وجل عنهم المطر حتى هلكت الماشية والهوام والشجر وجهد الناس جهداً شديداً وإلياس على حاله مستخفياً من قومه يوضع له لرزق حيث كان وقد عرف قومه ذلك.
قال ابن عباس أصاب بني إسرائيل ثلاث سنين القحط فمر إلياس بعجوز فقال لها أعندك طعام قالت نعم شيء من دقيق وزيت قليل قال فدعا به ودعا فيه بالبركة ومسه حتى ملأ جرابها دقيقاً وملأ خوابيها زيتاً فلما رأوا ذلك عندها قالوا من أين لك هذا قالت مر بي رجل من حاله كذا وكذا فوصفته بصفته فعرفوه وقالوا ذلك إلياس فطلبوه فوجدوه فهرب منهم ثم إنه آوى إلى بيت امرأة من بني إسرائيل ولها ابن يقال له اليسع بن أخطوب بن ضر فآوته وأخفت أمره فدعا لابنها فعوفي من الضر الذي كان به واتبع اليسع إلياس وآمن به وصدقه ولزمه وذهب معه حيثما ذهب. وكان إلياس قد كبر وأسن واليسع غلام شاب ثم إن الله تعالى أوحى إلى إلياس إنك قد أهلكت كثيراً من الخلق ممن لم يعص من البهائم والدواب والطير والهوام بحبس المطر فيزعمون أن إلياس قال: يا رب دعني أكن أنا الذي أدعو لهم بالفرج مما هم فيه من البلاء لعلهم يرجعون عما هم فيه ينزعون عن عبادة غيرك فقيل له نعم.


{إذ قال لقومه ألا تتقون أتدعون بعلاً} يعني أتعبد ون بعلاً وهو صنم كان لهم يعبد ونه ولذلك سميت مدينتهم بعلبك قيل البعل الرب بلغة أهل اليمن {وتذرون} أي وتتركون عبادة {أحسن الخالقين} فلا تعبد ونه {الله ربكم ورب آبائكم الأولين فكذبوه فإنهم لمحضرون} أي في النار {إلا عباد الله المخلصين} أي من قومه الذين آمنوا به فإنهم نجوا من العذاب.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7